بسم رب العزة و الجلال بسم خالق كل شيء في الوجود
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على خير البرية المنصور المؤيد أبا القاسم محمد وعلى خليفته من بعده أخيه وأبن عمه أمير المؤمنين أبا الحسن علي وعلى البضعة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيد نساء العالمين وعلى الحسن العسكري الزكي وعلى شهيد الغربة و الكرب و البلاء أبا عبد الله الحسين وعلى الحجج الميامين التسعة المعصومين من يومنا هذا وساعتنا هذه حتى ظهور خاتمهم ومكمل رسالتهم أمام المتقين الحجة المنتظر وإلى ما بعد ذلك حتى يوم الدين ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ). أما بعد:
نعيش أنا و رفقائي و إخوتي في الدين في زمن تعدد الطغاة وتوسع الجبروت الأكبر ( السلطة ).
السلطة ... السلطة ... السلطة ... كلمة طالما سمعناها تردد على اللسنة الكثير من الأهل و الأقارب و الأصدقاء و كان الكثير يظن أنها ( أعني السلطة ) لها معنى واحد فقط لا غير و المعنى الذي يظنونه هو ( أن السلطة تعني الحكم الأعلى للدولة كالرؤساء و رؤساء الوزراء فقط ) وهذا ليس صحيحا في التمام لأن الكلمة الأخيرة في تعبيرهم وأسلوبهم يجب أن ترفع و تمحى ( أعني كلمة ((فقط)) ) والمعنى الحقيقي للسلطة وحسب رأيي الخاص هي الشيء الملموس الذي يستخدمه ذوو النفوذ الأعلى على من هو أدنى منه في النفوذ أو من يعمل تحت نفوذه من موظفين أو عمال ( كما في مدراء الدوائر و رؤساء العمل ). حيث يصبح هو المشرع ( أقصد ذو النفوذ ) لقوانين ما تحت اليد ( قوانين عمله ) وهو المنفذ لتلك القوانين ( الآمر الناهي في الوقت ذاته ) يضع العقوبات على الأخطاء و تبتعد عن ذهنه مسألة المكرمات على الحسنات ويصبح بذلك أسوء و أكبر طاغي يملك في يده جبروت النفوذ ( السلطة ) ولن يفكر حتى ..... إن رب العزة والجلال ( الله جل جلاله ) خالق كل شيء في الوجود وضع قانون الكون وهو قانون ( العقاب و الثواب ) و بهذا القانون تتوازن الأمور و يتزن الميزان بدون أن يحصل اختلال في أحدى الكفتين ( سبحان الله ).
و هنا يجب علينا التعجب !!! ( سبحان الله ) ( عجيب ) رب السماوات والأرض يسير الكون على قانون عادل و يأتي عبد لله ( ذليل حقير لا يساوي قوة النملة التي تدب على الأرض بالنسبة إلى قوة وجبروت الخالق ( جل شأنه ) ويضع قانونه الخاص ( أقصد العبد ) ويخالف القانون الأعلى للكون ( القانون الإلهي ) فيكون قانون هذا العبد هو ( عقوبة على من أخطأ من الرعية ) و لا عقوبة على الأخطاء القبيحة لهذا العبد ( أقصد صاحب النفوذ و السلطة ) و من يحسن عمله من الرعية
واجبه على أتم واجب (لن ينال حتى الشكر العابر) (العابر: تعني المار مرور الكرام) و إن رأينا نحن المرؤوسون شيء لهذا الشخص نظن أنه حسن توجب علينا أن نتفنن بفنون الشكر و المديح بدون أي علم مسبق عن حقيقة و مصداقية هذا العمل و الذي هو على الأغلب (باطل).
و بأتي حين من الدهر و إذا بالمرؤوسين يتوسلون ليس لينالوا العفوا و لا ليثبتوا براءتهم و لكن لتخفيف الحكم عليهم في ذنب أو خطأ لم يرتكبوه في الواقع و عندما ينال الشخص المرؤوس هذا العقاب تجده قد تحول الى طاغي جديد (أكبر وأوسع طغياناً) (التفكير الداخلي لضعفاء النفوس: هو أن أكون طاغي و أفعل ما يفعله الطاغي أفضل من أن أكون مظلوماً و أعاقب على كل شي بدون سبب أو خطأ ) و نسوا في ذلك أن لهم (عليه السلام) قتل مظلوماً لأنه لم يترك ما ولد من أجله و هو إحقاق الحق في أمة جده، و لم ينتبهوا الى العالم الآخر و العالم الغربي الذي بدأ يطبق تعاليم ديننا بدون أن يتدين به حتى أن الشيخ الهندي (غاندي) الذي عاش في بلاد تعددت فيها الديانات و المذاهب و التي وجدت فيها ديانات أضلت السبيل لعدم اعترافها بربوبية الواحد القهار قال: (أقصد الشيخ) (تعلمت من الحسين أن أكون مظلوماً فأنتصر) ، رجل لم يكن يوماً شيعياً و لا حتى مسلماً و لكنه قرأ سيرة الأمام الحسين (عليه الصلاة و السلام) فتعجب مما قرأه و بدأ يطبق البعض منه إن لم يكن كله تمام التطبيق (لم لا رأى الحق و اهتدى به و اقتدى برواده)، فما الذي يجري لو طبقنا نحن الآخرون سيرة أمامنا الحسين (عليه السلام) و بالرجوع الى حديثنا الأول (السلطة) ترى صاحبها قد و ضع القوانين و سنها و تربع على عرش الأوامر.
و بعد هذا علينا نحن المرؤوسين أن نطبق تلك القوانين غير مبالين بصحتها من عدمها و موافقتها للشرائع الإسلامية من عدم موافقتها.
و على سبيل المثال (أنت أيها الحاكم تحرمني من لقمة العيش و تجعلني و عائلتي و أطفالي جياع لا نستطيع سد الحاجة اليومية للمعيشة و المرض و تأتي تستأمنني على مبلغ خيالي من المال و تكلفني بأعمال أقوم بها على أن يصرف هذا المال خلال (شهر") مثلاً و بالمقابل أنا أراك أيها الحاكم تبعثر بالمال بدون أدنى سبب) هل تعلم عزيزي القارئ ما الذي سوف يجري، سوف يبدأ التفكير الشيطاني لهذا العبد الفقير الذي كان صالحاً يوماً ما (يا ترى لماذا أنا فقير و الحاكم غني و ما الذي عمله لكي يكون غنياً) المثقفون دينياً (لأن الثقافة أنواع) عندما يسمعون الفكرة يعوها (هذا حق و هذا باطل) لكن غالباً ما تكون الثقافة (بأنواعها) معدومة عند غالبية الفقراء (أقصد الثقافة) لكي تصقل الشخص و تأطره تحتاج الى مدخرات (أموال، نقود) و أطفال هذا العبد أولى بهذه المدخرات (أطفاله في حالة موت بطيء من شدة الجوع) و عند عدم توفر المرشد و المنقذ سوف ترى ولادة طاغي جديد أكبر و أقوى جبروتاً من الأول (لماذا؟؟؟؟: لأنه عاش الحرمان و دخله من أوسع أبوابه و لم يجد المنقذ و المعين) فما ترى منه حينئذ إلا سوء الاستخدام للمال الذي أستأمن عليه و عندما يصل الى درجة تزاحم الأموال و ما تأتي به الأموال (القصور والأملاك بأنواعها) والتي (نحن نعلم) لم تأتي عن طريق الحق (جاءت من باطل ) فسنرى التغير الجذري ليس للطاغي الجديد (العبد الفقير سابقا) و إنما التغير للحاكم الأول (الخوف من مبدأ تبادل المناصب بإسقاط القوي لمن أصبح شبيهه بالقوة) خوفاً منه على منصبه و سلطته و ممن هذا الخوف؟
(من الموظف البسيط الفقير) أي من الطاغي الجديد لأنه بمال الحرام أصبح ذو نفوذ و سلطان.
و هنا يمكن للسائل أن يسال كيف تحول العبد الفقير الى طاغي (بغض النظر عما ذكر سابقاً) و الإجابة هي باستخدامه أحد القوانين الخارجة عن أصول و نسق الشريعة و التي هي: (باطل1xباطل2= باطل3) و (خير1xباطل2= باطل3) و (باطل1xخير2= باطل3) هذا هو قانون الحياة الحقيقي و حسب الشريعة الإسلامية (كل شيء يدخل فيه الباطل ما قل منه أو كثر فهو باطل ) و لم يبقى ألا القانون الأساسي للحياة الناجحة ( الحياة الإسلامية) و هو (خير1xخير2= خير3).
إذاً أصبح لدينا معلوم إن في حياة الإنسان على النطاق العام أربعة قوانين ثلاثة لا ترتبط بحقيقة منهج الإسلام بأي صلة و الإسلام يستنفرها و قانون واحد هو وليد الإسلام (القانون الإسلامي) ، الموظف الفقير لم ينس أنه كان فقيراً يوماً ما فذكر الفقراء بشيء من المال الذي حصل عليه (إيضاح لمسيرة الحاكم الجديد، العبد الفقير سابقاً) و المشكلة هي عدم استخدامه للقانون المنفرد ( الإسلامي) و إنما أستخدم القوانين الثلاثة و بهذا تراه قد صنع جيلاً من الطغاة ومرتكبي الحرام و الحرمات، لأن الفقير نادراً ما يسأل عن مصدر هذا المال لأنه بحاجة الى إرسال مريضه الى المستشفى أو إطعام أطفاله أو كسوتهم أسوة بالآخرين فمن يعاني الحرمان ماله من شيء ألا أن يبقي ناظريه على من هو أفضل منه (كما هو يراه) و لكنه لا يعلم بأنه (أسوأ منه بكثير) لأن كل ما في بطنه هو الحرام الحرام فقط.
قد يسأل سائل ما معنى القوانين الأربعة و هنا أود الإيضاح الى معنى هذه القوانين:
القانون الأول: (باطل1xباطل2= باطل3) مثلاً: هناك شخص يحصل على المال من السرقة (باطل1) و ينفقه في لعب القمار(باطل2) و سواء ربح أو خسر (اللعبة محرمة، الميسر كما ورد في القرآن الكريم )(حرم عليكم الخمر و الميسر)، إذاً هو في حرام (باطل3) أي بون أدنى شك هو في جهنم و بئس المصير.
القانون الثاني: (خير1xباطل2= باطل3) مثلاً: هناك شخص يقوم بعمله بجد كأن يكون عمله طبيباً على سبيل المثال فقط، و يأتي بلقمة العيش من كده و عرق جبينه الطاهر (خير1) و ينفق هذا المال الذي كسبه في شرب الخمر و المقامرة (كل المال أو بعضه على حد سواء) (باطل2) فما فرقه عن غيره من مرتكبي الحرام الأول أي سوف يكون مصيره مصيرهم و مقره و مستقره جهنم أيضاً(باطل3) و (النار و الجنة درجات).
القانون الثالث: (باطل1xخير2= باطل3) مثلاً: هناك شخص يعمل موظفا في وزارة المالية أو أحد دوائرها على سبيل المثال فقط، و تستأمنه الدولة على أموال الناس فيقوم بسرقتها أو يقوم بمضاعفتها بالباطل (كالقمار) (باطل1) و ينفق هذه الأموال في مساعدة الفقراء و المحتاجين (خير2) و بالنتيجة لا مصير له ألا جهنم الحامية (باطل3).
و هنا قد يسأل السائل إذا أستخدم ماله (اقصد الموظف) من كسب الحرام و أنفقه في طريق الحق له نفس مصير السابقين؟ و لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الجواب هو و بدون أدنى شك أو تردد (نعم) و السبب لأنه قام بأربع أمور و هي:
1- سرق 2- خان الأمانة 3- ساء استخدام المال (ضاعفه بالقمار مثلاً) 4- أدخل الحرام في بطون مساكين بدون علمهم، و هؤلاء يكلمهم أحد الشعراء قائلاً:
يا من تمتع بالدنيا و زينتها و لا تنام عن اللذات عيناه
شغلت نفسك فيما ليس تدركه تقول لله ماذا حين تلقاه
و هنا تجدر الإشارة بذكر القانون الأخير:
القانون الرابع: (خير1xخير2= خير3) مثلاً: هناك شخص يعمل معلماً على سبيل المثال فقط، و هذا المعلم يؤدي واجبه بصورة صحيحة و بدون تردد و يكسب ماله من كده و عرق جبينه (خير1) و ينفق من هذا المال في إطعام المساكين و كسوة المحتاجين (خير2) (قارن عزيزي القارئ هنا ينفق البعض من المال و في القانون الثاني ينفق المال كله أو أغلبه، لاحظ النتائج المترتبة من جراء القانونين و كن أنت الحكم على نفسك قبل أن تكون على غيرك) فماذا نعتقد من مصير لهذا الإنسان المؤمن غير جنات عدن (خير3) قال تعالى في محكم كتابه الكريم و هو يقسم بالعصر في سورة العصر: بسم الله الرحمن الرحيم ( و العصر إن الإنسان لفي خسر ألا الذين أمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر) صدق الله العلي العظيم .
الله (جل شأنه) يقسم بالعصر مبلغاً رسوله الكريم (ص) أن يبلغ الناس أجمعين إن الإنسان خاسر لا محالة إذا أتبع أحد القوانين الثلاثة الأولى إلا الذين أمنوا و عملوا الصالحات بأتباعهم القانون الرابع قانون الشريعة الإسلامية هؤلاء الذين أرشد أحدهم الآخر و تواصوا على عمل الخير و الصبر على شدائد الدهر و أكبرها وأعظمها الفقر.
و هنا نرجع من جديد الى السبب الأساسي لهذه التقسيمات و التفرعات (السلطة، و كما قلنا سابقاً) و لكن هل السلطة بحد ذاتها هي السبب، بالتأكيد لا ، لأنها و كما قلنا سابقاً هي مجرد شيء ملموس لا يستطيع العمل بمفرده ما لم يتحكم به صاحبه (صاحب السلطة) و هنا نسأل من هو صاحب السلطة؟ و الجواب هو الحاكم (ليس الحاكم هنا هو حاكم الدولة فقط لأننا أشرنا سابقاً بأنه قد يكون مدير مدرسة أو مستشفى أو قاضي في محكمة أو مدير عمل و هكذا) و هنا أود أن أشير (و حسب رأيي الخاص ) أن كل أثم و سوء يصيب المجتمع أساسه سوء استخدام السلطة من قبل (صاحبها، الحاكم) فلو قام الشرفاء الذين يكون على عاتقهم اختيار الحاكم أو لهم القدرة على تعينه بعدة أمور لما حصل ما حصل
و لعشنا في خير و أمان في ظل القانون الرابع .
و من هذه الأمور التي نحتاجها (لحاكم الدولة مثلاً):
أولاً: اختيار الحاكم من الذريات الصالحة في المجتمع (ممن نعلم دينهم و أخلاقهم).
ثانياً: أن يكون الحاكم ذو عقل و بصيرة و دين و قلب لين مع الرعية (غير قاسي في التعامل معهم).
ثالثاً: تأهيل هذا الحاكم دينياً و اجتماعيا و سياسياً و عسكرياً و تاريخياً في آن واحد، حتى يكون ملماً بكل أمور الحياة و يكون صالحاً للقيادة.
رابعاً: أن يكون غير مبالٍ بآراء أعداءه و يصب جل اهتمامه في رعيته (أهل البلد الذي يحكمه).
خامساً: إذا نجحنا في كل ما سبق سوف يكون النجاح متواصل لأن هذه الشروط لو طبقت في الحاكم سوف تؤدي الى حكومة كاملة مكملة لا تعانى من أي نقص في مؤسساتها (لماذا؟؟) لأن الحاكم لا يستقطب و لا يقرب ألا أشباهه.
سادساً: أخيراً و ليس أخراً عليه أن يعلم (أقصد الحاكم) أنه غير باقٍ في هذا المكان لذلك يتوجب عليه أن يضع البذرة الأساس (البذرة الصالحة) لبناء هذا المجتمع لكي تنمو و تكون أشجاراً لا تهزها الرياح و يمكن الاستفادة من أثمارها (الجيل الصادق في أداء عمله المطابق للشريعة الإسلامية تمام التطبيق)، و كما قال الشاعر:
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى غير أن لا بقاء للإنسان
أنت من لا يريبنا منك شيء علم الله غيرك أنك فانٍ
و هنا نشير إن الأساس لكل شيء (وحسب رأي الخاص) هو الحاكم فأن كان عادلاً منصفاً صنع جيلاً منصفاً و شعباً طيباً و يكون سبب في ذلك (لأن الفضل و السبب الأول الأكبر يرجع الى مسبب الأسباب جل شأنه) و أن كان الحاكم حقوداً غير منصف في الحكم فسوف يولد عن ذلك شعباً أشد حقداً و لا يعرف معنى الأنصاف تماماً و سوف يكون سبب المفسدة هو الحاكم.
إذاً و كنتيجة لبحث الباحث و عندما يضيء نور القمر تتوضح الحقيقة بأن الحاكم سبب أساسي في نجاح المجتمع و خيبته فالحاكم هو السبب و ليعلم الكون إن لم يكن يعلم، الحاكم لن يكون حاكم إلا بإرادة الله و لن ينحى عن حكمه إلا بإرادته جلت قدرته، و الدليل موجود في متناول أيدينا نحن العراقيون، من أزاح طاغي العراق الأكبر و يزيد الأصغر (صدام، هدام الحق و باني الباطل) غير الله سبحانه و تعالى (جل شأنه) و ليس أمريكا كما يشير البعض متناسين قدرة الله (عز و جل) علينا و على أكبر جبروت في العالم و سوف يوم أن شاء الله و ستزاح أمريكا بجبروتها و أعوانها و كل من خدم مصلحتها متناسي رعيته و شعبه بإرادة العلي القدير (جل و على) و ربما يكون السبب مجرد ذبابة ولدت في العراق ووقفت أمام فوهة المدفع الأمريكي و لأنه لا شرط في كون البشر هو من يطرد المحتل أو يقضي على الطاغي فما قتل نمرود ألا ذبابة و ما قضى على صحيفة مكة ألا حشرة صغيرة (الأرضة) و تهدمت عروش الظالمين بأصغر خلق الله (عز و جل) و بالله المستعان و هو من وراء القصد و أليه المصير.
أخوكم سيد حسام الصراف الحسيني